
“إذا ضاقت بيكم السبل فإذهبوا إلى تونس “
بهذه الكلمات توجه الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إلى شعبه يوما ما ليبرهن لهم مدى متانة العلاقة بين الشعبين الفلسطيني و التونسي على إمتداد سنوات.
و في خطوة إنسانية تعكس تضامن تونس مع الشعب الفلسطيني على خلفية ما يعيشه منذ فترة من إعتداء غاشم من الكيان الصهيوني، نظمت وزارة الشؤون الثقافية التونسية بالتعاون مع المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات و التظاهرات الثقافية و الفنية و مسرح أوبرا تونس “سهرة التضامن مع الشعب الفلسطيني ” مساء اليوم، الجمعة 20 أكتوبر بمسرح أوبرا تونس بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بمشاركة الأوركستر السمفوني التونسي ،الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة المايسترو كمال الفرجاني و المايسترو فادي بن عثمان، كورال أصوات أوبرا تونس، كورال سيدي سامي، الفنان القدير لطفي بوشناق، الفنانة الأردنية مكادي نحاس، الفنانتين التونسيتين لبنى نعمان و درصاف الحمداني ، تقديم الممثلة جميلة الشيحي و الصحفي الحبيب جغام.
“فدائي فدائي فدائي
يا أرضي يا أرض الجدود
فدائي فدائي فدائي
يا شعبي يا شعب الخلود
بعزمي وناري وبركان ثأري
وأشواق دمي لأرضي وداري
صعدت الجبالَ وخضت النضالَ
قهرت المحالا حطمت القيود”
بكلمات الشاعر الفلسطيني الملقب بفتى الثورة سعيد المزين و ألحان الموسيقار المصري علي إسماعيل كانت إنطلاقة هذه السهرة بالنشيد الوطني الفلسطيني و النشيد الوطني التونسي.
على ضوء الشموع بدأت هذه السهرة، بأصوات أطفال تونس “كورال سيدي سامي ” الذين قدموا أوبرات الحلم العربي الذي صدر سنة 1998 حول حلم الشعب العربي في إقامة الوحدة العربية في إتحاد الوطن العربي و الذي إشتهر تحديدا في سبتمبر 2000 عقب إنتفاضة الأقصى الثانية.
هذا الأوبرات هو من إخراج طارق العريان،تأليف الشاعر المصري مدحت العدل و تلحين الملحنين المصريين صلاح الشرنوبي و حلمي بكر توزيع الموسيقي الليبي حميد الشاعري.
بقيادة المايسترو فادي بن عثمان و إعادة توزيع للموسيقي يوسف المسعودي،قدم كورال سيدي سامي هذا الأوبرات بطريقة مميزة مرددا بصوت عالي مدافع عن القضية
“أجيال ورا أجيال
هتعيش على حلمنا
واللي نقوله اليوم
محسوب على عمرنا
جايز ظلام الليل
يبعدنا يوم إنما
يقدر شعاع النور
يوصل لأبعد سما
ده حلمنا.. طول عمرنا
حضن يضمنا.. كلنا كلنا” .
كانت الوصلة الموسيقية الثانية بقيادة المايسترو كمال الفرجاني من نصيب الفنانة التونسية درصاف الحمداني بمشاركة الكورال الوطني و أصوات أوبرا تونس، التي قدمت واحدة من أهم أشعار الأخوين الرحباني “يا زهرة المدائن ” التي غنتها فيروز بعد نكسة 1967 .
كما قدم كورال أصوات أوبرا تونس واحدة من أهم أشعار الشاعر الفلسطيني توفيق زياد “يا شعبي يا عود الند “.
أما الوصلة الثالثة فقد كانت بقيادة المايسترو فادي بن عثمان و قدمها الفنان القدير لطفي بوشناق الذي عرف بمناصرته للقضية الفلسطينية و إنشغاله بقضايا الوطن العربي من خلال أدائه لمجموعة من الأغاني الملتزمة من كلمات الشاعر التونسي آدم فتحي على غرار” أنا العربي ” و “طبعي السلام” .
“خليك صامد يا فلسطيني
رد إيماني ورد يقيني
إن الحق طريقه القوة
وإن العدل العدل فتوة
وإن الغاصب برا وجوا
مش ح يهز جذوري في طيني
خليك صامد يا فلسطيني”
بهذه الكلمات حيا لطفي بوشناق بمعية أصوات أوبرا تونس فلسطين في ختام هذه الوصلة.
لم يغب عن المنظمين الإتصال بالفنان و الموسيقي اللبناني مارسيل خليفة الذي قدم بدوره رسالة إلى أهالينا بقطاع غزة و فلسطين من خلال مقطع فيديو غنى خلاله مرثية محمود درويش للشهيد محمد الدرة
” يسوع صغير ينام ويحلم
في قلب أيقونةٍ
صنعت من نحاس
ومن غصن زيتونة
ومن روح شعب تجدّد
محمّد، دمٌ زاد عن حاجة الأنبياء”.
كما قدم كورال أصوات أوبرا تونس و الكورال الوطني في هذا الإطار أحد أهم أعمال مارسيل خليفة ” إني إخترتك يا وطني ” لصاحبها الشاعر الشهيد علي فودة.
سجل هذا العرض عودة الفنانة التونسية درصاف الحمداني إلى الركح لتقديم ” عصفور طل من الشباك ” لمارسيل خليفة و أميمة الخليل .
كما غنت واحدة من أهم الأغاني الوطنية التونسية “بني وطني “، كلمات الشاعر عبد المجيد بنجدو و ألحان الشاذلي أنور ، التي قدمتها الفنانة عليا إثر معركة الجلاء ببنزرت.
في الجزء الثاني من السهرة،إعتلت الفنانة التونسية لبنى نعمان الركح و قدمت مجموعة من أغاني المقاومة على غرار ” يا ليل ما أطولك “و ” أحكي للعالم “للفنانة الفلسطينية الراحلة ” ريما البنا ” كلمات زهرة الصباغ و سميح القاسم و “على هذه الأرض ما يستحق الحياة ” كلمات الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، ألحان مهدي شقرون و توزيع سامي بن سعيد.
غنت الفنانة الأردنية مكادي نحاس باقة من أجمل ما تغنى في التراث الفلسطيني “يما مويل الهوا ” و يا عمي يا بو فانوس ” ، و قصيدة إلاهي أعدني إلى وطني ” لمحمود درويش.
كما لم توفت الفرصة لتغني لفيروز”ياظلام السجن خيم” ، كلمات الصحفي و السياسي السوري الراحل نجيب الريس و ألحان محمد عبد الوهاب ، فقد كانت شديدة التأثر بمدرسة فيروز و تميز صوتها بتعدد الطبقات ليتم تصنيف مكادي نحاس ضمن دائرة الفيروزيات.
“موطني… موطني..
الجلالُ والجمالُ والسناءُ والبهاءُ
في رُباكْ… في رُباكْ
والحياةُ والنجاةُ والهناءُ والرجاءُ
في هواك… في هواك
هل أراكْ… هل أراكْ..
سالماً منعَّماً وغانماً مكرَّماً؟
هل أراكْ… في علاكْ
تبلغ السِّماكْ؟… تبلغ السِّماكْ؟
موطني.. “
بكلمات الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان و ألحان الموسيقار اللبناني محمد فليفل، إختتمت مكادي نحاس بالنشيد الوطني العراقي و النشيد الوطني الغير رسمي لفلسطين “موطني ” هذه السهرة التضامنية التي ستخصص عائداتها كمساعدات صحية و إنسانية الشعب الفلسطيني الشقيق و ذلك بالتنسيق مع الهلال الأحمر التونسي.
تجدر الإشارة بأن فريق عمل متكامل من مسرح أوبرا تونس ( الإعلام – الإتصال – اللوجستيك..) عمل على إعداد هذا الحفل بمعية فريق تقني كبير سهر على إنجاح هذه السهرة التضامنية في وقت وجيز :
التوضيب الركحي : السيد الصادق الهمامي .
الإضاءة : السيد فهد الهمامي و فريقه .
الصوت : السيد أيمن بوغديري، سفيان العياري، طه غزلان ، حمزة ساسي و غسان الربودي .
الركح : السيد محمد بدر بن علي و فريقه.